لبس الصليب
حكم لبس ما فيه صورة وثن كـالصليب.
فإن كان لبسه تبعا للملابس وليس مقصودا لذاته فهو محرم، على الصحيح الذي عليه جمع من المحققين وقيل مكروه.
فعن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يَتْرُكُ فِي بَيْتِهِ شَيْئًا فِيهِ تَصَالِيبُ إِلَّا نَقَضَهُ. رواه البخاري.
والمراد بالتصاليب ما فيه صورة الصليب.
جاء في موقع الدرر السنية قولهم:
"تصاليب: أي: تَصاويرُ كَصَليبِ النَّصارَى. والتصاليب جمعُ صليب، "إلَّا نَقَضَه"، أي: كَسَرَه وغَيَّرَ صورَته. وجاءَ في لَفظ: "قَضَبَه" والقَضبُ: القَطعُ. وإنَّما كان رَسولُ اللَّهِ صلَّى الله عليه وسلَّم يَفعَلُ ذلك; لأنَّ النَّصارَى يَعبُدونَ الصَّليبَ، فَكَرِهَ أن يكون شيءٌ مِنْ ذلك في بَيتِهِ" اهـ
وقالت دِقْرَةُ أُمُّ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أُذَيْنَةَ : كُنَّا نَطُوفُ بِالْبَيْتِ مَعَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ فَرَأَتْ عَلَى امْرَأَةٍ بُرْدًا فِيهِ تَصْلِيبٌ، فَقَالَتْ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ : اطْرَحِيهِ، اطْرَحِيهِ ؛ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا رَأَى نَحْوَ هَذَا قَضَبَهُ . رواه أحمد
وجاء عن إبراهيم النخعي -كما في مسائل الإمام أحمد من رواية ابنه صالح- قال أصاب أصحابنا خمائص[نوع من الثياب] فيها صلب، فجعلوا يضربونها بالسلوك، يمحونها بذلك"
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة:
"ما حكم لبس الملابس التي فيها صليب ، ولم نعلم بوجوده عند شرائها ، حيث إنه لا يكون على شكله المعتاد لنعلم به قبل شرائها ، وإنما على أشكال غير معروفة وغير واضحة ، ما حكم لبسها ؟
فأجابوا :
"إذا علِم بوجود الصليب في الملابس بعد شرائها : فإنه تحرم الصلاة فيها ، وتجب إزالة الصليب بما يزيل صورته ، بحك ، أو صبغ ، أو نحو ذلك ، ولما روى البخاري في " صحيحه " عن عمران بن حطان : أن عائشة رضي الله عنها حدثته : (أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يترك في بيته شيئاً فيه تصاليب إلا نقضه)" انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ صالح الفوزان ، الشيخ بكر أبو زيد .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (24/19) " اهـ
وكذا الحكم في نجمة اليهود وغيرها من الأوثان، فلا يجوز لبسها مطلقا ولا استعمالها ولو كانت مهانة.
تنبيه:
والمراد ما كان معلوما أنه من أشكال الصليب التي هي من شعارهم.
قال ابن عثيمين :
" أما ما ظهر منه أنه لا يراد به الصليب ، لا تعظيما ، ولا بكونه شعارا ، مثل بعض العلامات الحسابية ، أو بعض ما يظهر بالساعات الإلكترونية من علامة زائد ، فإن هذا لا بأس به ، ولا يعد من الصلبان بشيء " انتهى.
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة : هل الأشكال والرموز الرياضية مثل الزائد والضرب تعتبر تصاليب أم لا ؟
الجواب : الأشكال والرموز المستعملة في العلوم الرياضية مثل الزائد والضرب لا تعد من التصاليب ، وإنما هي اصطلاحات محضة.
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
وأما حكم من لبس الصليب لذاته كسلسلة الصليب ونحوه وليس ما كانت صورة تابعة كما سبق، فهو أعظم جرما وأكثر حرمة، وقد صرح كثير من العلماء بكفر لابسها، وبعضهم جعل لكفره قيودا، والله المستعان.
لأنه بهذا يكون مكذبا بالقرآن والسنة وإجماع المسلمين، في أن عيسى ﷺ لم يصلب ولم يقتل.
سئلت "اللجنة الدائمة للإفتاء "عن حكم لبس الصليب فأجابوا :
"إذا بُيِّن له حكم لبس الصليب وأنه شعار النصارى ، ودليل على أن لابسه راض بانتسابه إليهم ، والرضا بما هم عليه وأصر على ذلك ، حكم بكفره لقوله عز وجل: (وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) [المائدة، آية 51] ، والظلم إذا أطلق يراد به الشرك الأكبر، وفيه إظهار لموافقة النصارى على ما زعموه من قتل عيسى عليه السلام، والله سبحانه قد نفى ذلك في كتابه فقال: (وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ) [النساء،آية 157] ".
انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (2/119) .
والله أعلم.
تعليقات
إرسال تعليق