دلالة أفعال الله ومفعولاته على كمال ذاته وصفاته

 

 الأدلة العقلية النقلية على أصول الإسلام (٨)

 من الأدلة النقلية العقلية على كمال صفات الله:


1.  ((دلالة أفعاله ومفعولاته على كمال ذاته وصفاته))


وهذا أحد الأدلة، وهو مقتضى دلالة المخلوقات على الخالق، فإن آثار صفات الله تتجلى في مفعولاته وأفعاله، ويدل على هذا الدليل العقلي قوله تعالى: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك].

قال ابن القيم في شفاء العليل عن هذه الآية:

"وهذا الاستدلال في غاية الظهور والصحة، فإن الخلق يستلزم حياة الخالق وقدرته وعلمه ومشيئته" اهـ

وقال ابن تيمية في التدمرية: " أن الفعل مستلزم للقدرة ولغيرها...وكذلك تثبت بالفعل النافع الرحمة وبالغايات المحمودة الحكمة..." اهـ

ولتوضيح هذا الدليل يقال: أن مما يدل على صفة القدرة: إيجاده المخلوقات بعد العدم، وعلى صفة الإرادة: أنه أراد إيجادها وخصصها على هيئات معينة، وعلى صفة العلم: أنه لا يمكن تحقق الإرادة إلا مع العلم بالمراد، وهو تصوره وتقديره قبل تكوينه، وكذلك ما حصل في المخلوقات من الإتقان والإبداع يدل على صفة العلم، لأن الفعل المحكم المتقن يمتنع صدوره عن غير عالم، وهذه الصفات الثلاث تدل على صفة الحياة، لاستحالة قيام العلم والقدرة بغير الحي، وتقدير عالم لا حياة به ممتنع بصريح العقل وهكذا.

وكذلك يمكن اثبات صفات أخرى كثيرة -خلافا للمتكلمين- قال ابن تيمية في التدمرية:

"يمكن إثبات هذه الصفات بنظير ما أثبتَّ به تلك من العقليات، فيقال: نفع العباد بالإحسان إليهم يدل على الرحمة، كدلالة التخصيص على المشيئة، وإكرام الطائعين يدل على محبتهم، وعقاب الكفار يدل على بغضهم، كما قد ثبت بالشاهد والخبر من إكرام أوليائه وعقاب أعدائه، والغايات المحمودة في مفعولاته ومأموراته - وهي ما تنتهي إليه مفعولاته ومأموراته من العواقب الحميدة - تدل على حكمته البالغة كما يدل التخصيص على المشيئة وأَوْلَى، لقوة العلة الغائية، ولهذا كان ما في القرآن من بيان ما في مخلوقاته من النعم والحكم أعظم مما في القرآن من بيان ما  فيها من الدلالة على محض المشيئة" اهـ

ومن كمال ذلك النظر في الكون وما فيه من بديع النظام، وجميل المناظر، والسماء وبنائها، والأرض وأرجائها، وما بث فيهما من خلقه، فإنه دليل واضح على كمال الله وقدرته وعلمه وحكمته، وإلا لفسدت السموات والأرض ومن فيهما.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

دليل الخلق والإيجاد

محالات العقول ومحاراتها

مقدمة جواب شبهة التوسل(١)

وجود الأدلة العقلية في الأدلة النقلية

جواب شبهة التوسل النقلية(٢)