في قصة إبليس عبرة
خاطرة
في قصة إبليس عبرة
كلنا نبغض إبليس، ونعلم أنه سبب كل كفر ومعصية في الأرض.
ولكن في قصته عِبَر نكتفي منها بأنه كان عالما متعبدا لله فرفع مع الملائكة لذلك ولم يكن منهم قال ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى: "والتحقيق: أنه كان منهم باعتبار صورته وليس منهم باعتبار أصله ولا باعتبار مثاله"اهـ
فهو كان العابد المطيع ثم أصبح في الكفر الشنيع.
قال الألوسي في تفسيره:
"وكم أرقت هذه القصة جفونا، وأراقت من العيون عيونا فإن إبليس كان مدة في دلال طاعته يختال في رداء مرافقته ثم صار إلى ما ترى وجرى ما به القلم جرى"اهـ
ولا يخفى أيضا ما قصه الله لنا في سورة الأعراف من العالم العابد فقال: { وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ ( ١٧٥ ) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ( ١٧٦ ) سَاءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَأَنفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ ( ١٧٧ ) مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَن يُضْلِلْ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ( ١٧٨ ) }.
ولذا لا نستغرب من كثرة دعاء النبي ﷺ بتثبيت قلبه وهو المعصوم تنبيها لنا وأننا أولى بهذا الدعاء فجاء عن أنس أنه قال: كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يُكثرُ أن يقولَ يا مقلِّبَ القلوبِ ثَبِّتْ قلبِي على دينِك فقلت يا نبيَّ اللهِ آمنَّا بك وبما جئتَ به فهل تخافُ علينا؟ قال نعم إن القلوبَ بينَ إصبعينِ من أصابعِ اللهِ يُقلِّبُها كيفَ يشاءُ"
وبهذا نعلم أهمية تكرار الدعاء في كل ركعة بـ{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}
قال ابن القيم عن حاجة العبد لهذا الدعاء:
"كانت حاجته إلى سؤال الهداية أعظم الحاجات، وفاقته إليها أشد الفاقات، فرضَ عليه الرب الرحيم هذا السؤال كل يوم وليلة في أفضل أحواله وهي الصلوات الخمس مراتٍ متعددة، لشدة ضرورته وفاقته إلى هذا المطلوب"اهـ
فما يفوتنا من الهدى أكثر قال ابن القيم:
"ومن هنا يعلم اضطرار العبد إلى سؤال هذه الدعوة فوق كل ضرورة، وبطلان قول من يقول: إذا كنا مهتدين، فكيف نسأل الهداية؟ فإن المجهول لنا من الحق أضعاف المعلوم، وما لا نريد فعله تهاونا وكسلا مثل ما نريده أو أكثر منه أو دونه، وما لا نقدر عليه مما نريده كذلك، وما نعرف جملته ولا نهتدي لتفاصيله فأمر يفوت الحصر، ونحن محتاجون إلى الهداية التامة، فمن كملت له هذه الأمور كان سؤال الهداية له سؤال التثبيت والوئام" اهـ
ولذا ينبغي علينا عند المرور بهذا الدعاء أن نستشعر حاجتنا إليه، ولا نمر عليه من غير تدبر قال ابن رجب في جامع العلوم والحكم عن شرط إجابة الدعاء : " وَمِنْ أَعْظَمِ شَرَائِطِهِ: حُضُورُ الْقَلْبِ، وَرَجَاءُ الْإِجَابَةِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى"اهـ
والله المستعان وعليه التكلان ولا حول ولا قوة إلا بالله.
:؛
تعليقات
إرسال تعليق