دلالة الربوبية على الألوهية

 

الأدلة العقلية النقلية على أصول الإسلام (٦)

دلالة الربوبية على الألوهية


ومن الأدلة العقلية النقلية على تفرد الله بتوحيد الألوهية:


1-  دلالة الربوبية على الألوهية:

وهو من أشهر الأدلة النقلية العقلية، وقد احتج به القرآن كثيرا، لأنه يلزم عقلا من الإقرار بتوحيد الربوبية في الملك والخلق والتدبير، الإقرار بتوحيد الألوهية في الدعاء والعبادة.

فإذا كان وحده هو الخالق المدبر، الذي بيده النفع والضر، فلا ينبغي عبادة غيره، فالخالق غني قدير، والمخلوق محتاج فقير.


قال الله تعالى محتجا بربوبيته على ألوهيته:

{قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ *فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ} [يونس] 

وقال: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ *الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة]


قال ابن القيم في بدائع الفوائد: "ثم قال اعبدوا ربكم فأمرهم بعبادة ربهم، وفي ضمن هذه الكلمة البرهان القطعي على وجوب عبادته، لأنه إذا كان ربنا الذي يربينا بنعمة وإحسانه وهو مالك ذواتنا ورقابنا وأنفسنا، وكل ذرة من العبد فمملوكه له ملكا خالصا حقيقيا، وقد رباه بإحسانه إليه وإنعامه عليه، فعبادته له وشكره إياه واجب عليه، ولهذا قال (اعبدوا ربكم) ولم يقل إلهكم، والرب هو السيد والمالك والمنعم والمربي والمصلح، والله تعالى هو الرب بهذه الاعتبارات كلها، فلا شيء أوجب في العقول والفطر من عبادة من هذا شأنه وحده لا شريك له، ثم قال (الذي خلقكم) فنبه بهذا أيضا على وجوب عبادته وحده، وهو كونه أخرجهم من العدم إلى الوجود وأنشأهم واخترعهم وحده بلا شريك باعترافهم وإقرارهم، كما قال في غير موضع من القرآن (ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله) فإذا كان هو وحده الخالق فكيف لا يكون وحده المعبود، وكيف يجعلون معه شريكا في العبادة وأنتم مقرون بأنه لا شريك له في الخلق، وهذه طريقة القرآن يستدل بتوحيد الربوبية على توحيد الإلهية..."اهـ


وقال الشنقيطي في أضواء البيان على آية الأحقاف: "مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ": "وبذلك تعلم أنه ما خلق السماوات والأرض وما بينهما إلا خلقا متلبسا بأعظم الحق، الذي هو إقامة البرهان القاطع، على توحيده - جل وعلا - ومن كثرة الآيات القرآنية الدالة على إقامة هذا البرهان القاطع المذكور على توحيده - جل وعلا - علم من استقراء القرآن أن العلامة الفارقة من يستحق العبادة، وبين من لا يستحقها، هي كونه خالقا لغيره، فمن كان خالقا لغيره، فهو المعبود بحق، ومن كان لا يقدر على خلق شيء، فهو مخلوق محتاج، لا يصح أن يعبد بحال، فالآيات الدالة على ذلك كثيرة جدا" اهـ


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

دليل الخلق والإيجاد

محالات العقول ومحاراتها

مقدمة جواب شبهة التوسل(١)

وجود الأدلة العقلية في الأدلة النقلية

جواب شبهة التوسل النقلية(٢)