عدم الإتيان بمثله
من دلائل النبوة
عدم الإتيان بمثل القرآن
من أخذ شبرا من اللغة العربية، ثم ظن من نفسه القدرة على الإتيان بمثل القرآن، فهذا الظن دليل على جهله بالعربية، وعلى جهله ببضاعته المزجاة فيها.
فإن المرء كلما تضلع من علم اللغة وأساليبها، كلما خضع أمام القرآن وإعجازه.
وكل من تجرأ وذكر ما ظن معارضته للقرآن، أصبح أضحوكة البلغاء، وندرة الأدباء.
مجرد محاكاة مضحكة، وليست من المعارضة في شيء.
وليسأل التاريخ أين أعداء القرآن الفصحاء، وكبار الشعراء، هل يا ترى استطاعوا على معارضة القرآن، مع وجود تكرار التحدي والتعجيز حتى لو كانوا مجتمعين، فأثار حفيظتهم، وتحداهم في بضاعتهم، وهم أهل الأنفة والحمية.
فلو كانت لهم قدرة لفعلوا وأبطلوا النبوة، ولكن لما علموا الفرق الشاسع بين كلامهم وكلام القرآن، عدلوا عن فضح أنفسهم بالمعارضة، إلى المساومة بالمال والملك، ثم إلى الحصار والقتال، فقدموا الأموال بدل الأقوال، واستنطقوا السيوف بدل الحروف، وهذه حيلة المغلوب بالحجة.
فإن قلت ما الجديد في القرآن والكلام نفس الكلام؟
يجيبك صاحب كتاب النبأ العظيم بقوله:
"فالجديد في لغة القرآن أنه في كل شأن يتناوله من شؤون القول يتخير له أشرف المواد، وأمسها رحما بالمعنى المراد، وأجمعها للشوارد، وأقبلها للامتزاج، ويضع كل مثقال ذرة في موضعها الذي هو أحق بها وهي أحق به، بحيث لا يجد المعنى في لفظه إلا مرآته الناصعة، وصورته الكاملة، ولا يجد اللفظ في معناه إلا وطنه الأمين، وقراره المكين، لا يوما أو بعض يوم، بل على أن تذهب العصور، وتجيء العصور، فلا المكان يريد بساكنه بدلا، ولا الساكن يبغي عن منزله حولا" اهـ
وصدق الوليد بن المغيرة حين قال:
"والله إن لقوله الذي يقول لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإنه لمثمر أعلاه، مغدق أسفله، وإنه ليحطم ما تحته، وإنه ليعلو وما يعلى عليه"
ثم انظر إلى أفضل القصائد من أفحل الشعراء، لا تجد الإجادة فيها إلا في أبيات منها، وما سوى ذلك من الأبيات والقصائد ففيها المتوسط والرديء والغث والمستكره.
:؛
تعليقات
إرسال تعليق