الفتاح


 

خلاصة المعنى للأسماء الحسنى (١٢)


الحمد لله الفتاح، والصلاة والسلام على رسوله الذي فتح به القلوب... أما بعد:


ورد اسم الله (الفتاح) في القران مرة واحدة في قوله تعالى: "{ قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ ( ٢٦ )} [سبأ]

وورد مضافا بصيغة الجمع للفاتح في قوله تعالى:

{رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ ( ٨٩ )} [الأعراف]


•  المعنى اللغوي:

الفتح نقيض الإغلاق، والفتح النصر والحكم.

والفتاح من أبنية المبالغة.

قال في تهذيب اللغة:" والفتح: نقيض الإغلاق، والفتح: أن تحكم بين قوم يختصمون إليك ... واستفتحت الله على فلان أي سألته النصر عليه ونحو ذلك"اهـ.


•  معناه في حق الله تعالى:

ذكروا في معناه أقوال ترجع إلى ثلاثة معاني:

1-  من الحكم والقضاء في حكمه الديني(الشرعي)، والجزائي(القضاء).

والآية التي فيها اسم الفتاح تدل على هذا المعنى.

2-  من النصر.

 ومنها قوله تعالى: {إنا فتحنا لك فتحا مبينا ( ١ )  } [الفتح]

3-  من الفتح القدري، لأبواب الرزق والرحمة وما انغلق من الأسباب.

ومنها قوله تعالى: {ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم ( ٢ )  } [فاطر]


•  والفتاح يشمل هذه المعاني الثلاثة جميعها لدلالة الآيات عليها.

-  قال الخطابي في شأن الدعاء:

"الفتاح: هو الحاكم بين عباده، يقال: فتح الحاكم بين الخصمين، إذا فصل بينهما. ومنه قول الله -سبحانه-: (ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق، وأنت خير الفاتحين). معناه ربنا احكم بيننا. ويقال للحاكم: الفاتح. وقال امرؤ القيس:

أبعد الفاتح الوهاب عمرو ... حليف الجود والحسب اللباب؟

وقد يكون معنى الفتاح أيضا الذي يفتح أبواب الرزق والرحمة لعباده ويفتح المنغلق عليهم من أمورهم وأسبابهم. ويفتح قلوبهم وعيون بصائرهم ليبصروا الحق، ويكون الفاتح أيضا بمعنى الناصر، كقوله -سبحانه-: (إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح). قال أهل التفسير إن معناه: إن تستنصروا فقد جاءكم النصر"اهـ 


-  قال ابن القيم في النونية:

وكذلك الفتاح من أسمائه ... والفتح في أوصافه أمران

فتح بحكم وهو شرع الهنا ... والفتح بالأقدار فتح ثان

والرب فتاح بذين كليهما ... عدلا وإحسانا من الرحمن


-  قال السعدي شارحا لها في الحق الواضح:

"فالفتاح هو الحكم المحسن الجواد، وفتحه تعالى قسمان: أحدهما فتحه بحكمه الديني وحكمه الجزائي، والثاني: الفتاح بحكمه القدري.

ففتحه بحكمه الديني هو شرعه على ألسنة رسله جميع ما يحتاجه المكلفون، ويستقيمون به على الصراط المستقيم، وأما فتحه بجزائه فهو فتحه بين أنبيائه ومخالفيهم، وبين أوليائه وأعدائه بإكرام الأنبياء وأتباعهم ونجاتهم، وبإهانة أعدائهم وعقوباتهم، وكذلك فتحه يوم القيامة وحكمه بين الخلائق حين يوفي كل عامل ما عمله، أما فتحه القدري فهو ما يقدره على عباده من خير وشر ونفع وضر وعطاء ومنع، قال تعالى: { مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (2) } [فاطر: 2].

فالرب تعالى هو الفتاح العليم الذي يفتح لعباده الطائعين خزائن جوده وكرمه، ويفتح على أعدائه ضد ذلك، وذلك بفضله وعدله"اهـ

•  قلت في منظومة روضة الموحد 

وأنه (الفتاح) وهْوَ الحـاكمُ

والنــاصر للمسلـم فهـاكـمُ

والفـاتـح لمغلـق الأسبـابِ

والرحمـة والـرزق والأبوابِ


•  خاطرة:

لا تيأس وربك الفتاح، وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ، فلو غُلِّقت الأبواب كلها، فبابه مفتوح، وحبله ممدود، ومنك الدعاء ومنه الإجابة، مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ.

والحمد لله رب العالمين.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

دليل الخلق والإيجاد

محالات العقول ومحاراتها

مقدمة جواب شبهة التوسل(١)

وجود الأدلة العقلية في الأدلة النقلية

جواب شبهة التوسل النقلية(٢)