إن لم يكن إبليس من الملائكة، فلم يعاقب بعصيان الأمر الذي كان للملائكة
هل إبليس كان من الملائكة، وإن كان الجواب بلا فلماذا يعاقب والأمر كان للملائكة؟
والجواب:
إبليس عليه لعنة الله- وقد كان مقرا بوجود الله- كان من الجن كما قال الله عنه: {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا}الكهف:٥٠
وعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " خُلِقَتِ الْمَلَائِكَةُ مِنْ نُورٍ، وَخُلِقَ الْجَانُّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ، وَخُلِقَ آدَمُ مِمَّا وُصِفَ لَكُمْ ". رواه مسلم
وقد أقر أبليس أنه خلق من النار كما أخبر الله عنه في قوله {قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين}ص:٧٦
ومما يدل أنه لم يكن من الملائكة عصيانه أمر الله والملائكة كما أخبر الله عنهم لا يعصونه قال تعالى
{لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُون}التحريم:٦
وقال عن إبليس {إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه} الكهف:٥٠
والفاء في "ففسق" للتعليل قال في أضواء البيان:
(( كان من الجن ففسق ) ، أي : لعلة كينونته من الجن ؛ لأن هذا الوصف فرق بينه وبين الملائكة ؛ لأنهم امتثلوا الأمر وعصى هو)اهـ
وقال الحسن البصري : "ما كان إبليس من الملائكة طرفة عين قط، وإنه لأصل الجن، كما أن آدم عليه السلام أصل البشر".
والقول بأنه كان ملكا ومسخ قول ضعيف مأخوذ من الإسرائيليات لا معول عليه
وهل أبليس أُمر بالسجود كما أمرت الملائكة؟
الجواب نعم كما قال الله:{قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين}الأعراف:١٢
وفي الحديث عن النبي ﷺ أنه قال: إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي ويقول: ياويله أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة، وأمرت بالسجود فأبيت فلي النار.رواه مسلم
فالأمر كان موجها له كما كان موجها للملائكة، أقر أبليس بذلك ويدافع عنه الملاحدة.
أما لماذا كان مع الملائكة ودخل في عموم الأمر معهم في كثير من الآيات- مع ما تبين في الآيات الأخرى أنه أُمر أيضا-
قال ابن كثير :
"والغرض أن الله تعالى لما أمر الملائكة بالسجود لآدم ، ودخل إبليس في خطابهم ، لأنه وإن لم يكن من عنصرهم، إلا أنه قد تشبه بهم وتوسم بأفعالهم، فلهذا دخل في الخطاب لهم ، وذُمَّ في مخافة الأمر" انتهى .
فهو كان يتعبد معهم فأطلق عليه اسمهم لأنه تبع لهم كالحليف في القبيلة يطلق عليه اسمها.
والإستثناء في قوله إلا إبليس استثناء منقطعا والاستثناء المنقطع يكون المستثنى من غير جنس المستثنى منه
فلا يدخل ما بعده فيما قبله ويكون بمعنى (لكن)
فاستثناء إبليس من الملائكة لا يعني أنه منهم ، ويمثل له علماء النحو بقولهم : جاء القوم إلا حماراً !
وجاء الطلبة إلا المدرسَ ، ومعلوم أن المدرس ليس من الطلبة ، ويكون معنى الكلام : جاء الطلبة ، لكن المدرس لم يأت ، وهذا معنى الآية : فسجد الملائكة لكن إبليس لم يسجد .
والإشكالية عند الملحدين أنهم لا يريدون الإيمان والاستسلام للخالق فيبحثون عن الشبه ويتشربونها، ويهولون توافه الأمور ويكبرونها، حتى إذا وقع عليهم الموت وصار الغيب عندهم شهادة {قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون} المؤمنون:٩٩-١٠٠
والحمد لله.
تعليقات
إرسال تعليق