عبودية المراغمة.

خاطرة

((عبادة المراغمة))

الحمد لله رب العالمين.
لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَلَا نَعْبُدُ إِلَّا إِيَّاهُ، لَهُ النِّعْمَةُ، وَلَهُ الْفَضْلُ، وَلَهُ الثَّنَاءُ الْحَسَنُ، ((لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ "))

{ فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ( ١٤ )  } [سورة غافر]

نتقرب إلى الله سبحانه وتعالى بإغاظة الملحدين والعلمانيين بمنطقية الإسلام، ومحاسن الأحكام.
نذكر من ذلك ما يغيظهم، ونبين حقارة عقولهم، وتفاهة تفكيرهم بما يسوؤهم.
وهذه من المواطئ التي تغيظ الكفار وننال بها أجرا من الواحد القهار.
وما أجمل ما سطره الإمام ابن القيم في المدارج عن عبودية المراغمة عند عقبة تسلط العدو من جند الشيطان فقال:

"عقبة تسليط جنده عليه بأنواع الأذى، باليد واللسان والقلب، على حسب مرتبته في الخير، فكلما علت مرتبته أجلب عليه العدو بخيله ورجله، وظاهر عليه بجنده، وسلط عليه حزبه وأهله بأنواع التسليط، وهذه العقبة لا حيلة له في التخلص منها، فإنه كلما جد في الاستقامة والدعوة إلى الله، والقيام له بأمره، جد العدو في إغراء السفهاء به، فهو في هذه العقبة قد لبس لأمة الحرب، وأخذ في محاربة العدو لله وبالله، فعبوديته فيها عبودية خواص العارفين، وهي تسمى عبودية المراغمة، ولا ينتبه لها إلا أولو البصائر التامة، ولا شيء أحب إلى الله من مراغمة وليه لعدوه، وإغاظته له، وقد أشار سبحانه إلى هذه العبودية في مواضع من كتابه:
أحدها: قوله ﴿ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة﴾ [النساء: ١٠٠] سمى المهاجر الذي يهاجر إلى عبادة الله مراغما يراغم به عدو الله وعدوه، والله يحب من وليه مراغمة عدوه، وإغاظته، كما قال تعالى ﴿ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطئون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين﴾ [التوبة: ١٢٠] وقال تعالى في مثل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتباعه ﴿ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار﴾ [الفتح: ٢٩] فمغايظة الكفار غاية محبوبة للرب مطلوبة له، فموافقته فيها من كمال العبودية، وشرع النبي صلى الله عليه وسلم للمصلي إذا سها في صلاته سجدتين، وقال «إن كانت صلاته تامة كانتا ترغمان أنف الشيطان» وفي رواية  «ترغيما للشيطان»  وسماها المرغمتين.
فمن تعبد الله بمراغمة عدوه، فقد أخذ من الصديقية بسهم وافر، وعلى قدر محبة العبد لربه وموالاته ومعاداته لعدوه يكون نصيبه من هذه المراغمة، ولأجل هذه المراغمة حمد التبختر بين الصفين، والخيلاء والتبختر عند صدقة السر، حيث لا يراه إلا الله، لما في ذلك من إرغام العدو، وبذل محبوبه من نفسه وماله لله عز وجل.
وهذا باب من العبودية لا يعرفه إلا القليل من الناس، ومن ذاق طعمه ولذته بكى على أيامه الأول.
وبالله المستعان، وعليه التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وصاحب هذا المقام إذا نظر إلى الشيطان، ولاحظه في الذنب، راغمه بالتوبة النصوح، فأحدثت له هذه المراغمة عبودية أخرى".اهـ

والحمد لله رب العالمين

::

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

دليل الخلق والإيجاد

محالات العقول ومحاراتها

مقدمة جواب شبهة التوسل(١)

وجود الأدلة العقلية في الأدلة النقلية

جواب شبهة التوسل النقلية(٢)