عصمة النبي ﷺ
من دلائل النبوة (٢)
عصمة النبي ﷺ
كان النبي ﷺ محاط بالأعداء المجاورين له والبعيدين منه، ويتخلل صفوفه الكثير من المنافقين.
وكم مرة قد حاولوا اغتياله، وكثيرا ما كادوا له ونصبوا له الأفخاخ.
وفي خضم هذه المحنة، وبين هذه الأخطار المحدقة، تنزل عليه آية، هي علم من أعلام نبوته.
{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ( ٦٧ ) } [المائدة]
إنها آية العصمة التي فيها أنه معصوم من القتل حال تبليغه الرسالة، وقبل ذلك نزل في مكة قوله تعالى: { فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ( ٩٤ ) إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ ( ٩٥ ) } [الحجر]
فإي ضمان هذا، وأي ثقة من رسوله ﷺ بربه، والأعداء له متربصون، ولقتله متشوقون.
فما يملك هذا الضمان بشرا، ولا يُوثق به إلا إذا جاء من رب البشر.
وقد جاء في الصحيحين أن رجلا من المشركين وقف على رأس رسول الله ﷺ بالسيف قائلا له من يمنعك مني، فقال الله يمنعني، وقد عصمه ربه هنالك.
بل حتى الشاة المسمومة التي أكلها يوم خيبر قد عصمه الله من أن يموت بسببها، مع أنه قد مات منها بعض أصحابه الذين شاركوه الأكل، فأوقف الله أثر السم عنه ﷺ حتى بلّغ الرسالة، وأدى الأمانة، وأكمل الله به الدين، ونزل قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة]
وانتهت العصمة أذن الله للسم بمفعوله في جسده الشريف فمات شهيدا ﷺ.
قالت عَائِشَةُ رضى الله عنها : كَانَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فِى مَرَضِهِ الَّذِى مَاتَ فِيهِ : يَا عَائِشَةُ ، مَا أَزَالُ أَجِدُ أَلَمَ الطَّعَامِ الَّذِى أَكَلْتُ بِخَيْبَرَ ، فَهَذَا أَوَانُ وَجَدْتُ انْقِطَاعَ أَبْهَرِى مِنْ ذَلِكَ السَّمِّ . رواه البخاري
فهذا دليل من أدلة نبوته، وعلَم من أعلامها، لقد وُعد بالعصمة من القتل حال تبليغ الرسالة مع وجود الأخطار المحدقة والأعداء المتربصون، ففشلت كل محاولاتهم وكذبت، وصدق الله فيما قال ووعوده تحققت.
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ
تعليقات
إرسال تعليق