حفظ القرآن
من دلائل النبوة:(١)
حفظ القرآن
نزلت آية { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ( ٩ )} [سورة الحجر] في مكة.
في زمن الاستضعاف والإعراض عن سماع القرآن والصد عنه واللغو فيه.
في زمن الخوف والتستر من بطش الأعداء وكيدهم.
وفي نفس الوقت يجاهر القرآن بتحدي الكفار وتعجيزهم، ووصمهم بالعار وتحقيرهم، وتوعدهم بالنار وتحريقهم.
وفي مقاييس الموازين الدنيوية في ذلك الوقت لا بارق أمل في البقاء، ولا صمام أمان لاستمرار الدعوة.
وما بين هذا الظلام ووسط هذه الأخطار تنزل الآية لتبشر النبي ﷺ بحفظ الوحي الذي نزل عليه، وفيه البشارة ببقاء الإسلام الذي يدعوا إليه.
فمظت الأيام ومرت السنون ما بين عز لأهل الإسلام وذلٍ، وانتصار وهزيمة، وتوسع وانحسار.
كم هُدمت من أسوار للمسلمين، وحُرّقت مكتباتهم ودور عباداتهم.
والأعداء محيطون ولهم بالمرصاد، والمنافقون متواجدون ما بين العباد.
ومع ذلك ما زال القرآن محفوظا، وبقي الإسلام الصحيح محروسا.
لم يستطع أعداؤه تكذيبه بتحريف كتابه عمدا، ولم يُحرف مع مرور الزمن سهوا.
معجزة واضحة، وعلم من أعلام النبوة بينة.
لا يوجد لمثل كتابه كتاب، ولا لمثل دينه دين، قد بقي على ما كان عليه من النقاوة والسلامة.
تلا عليهم هذه الآية وهو يعلم أن الأديان السابقة وكتبها قد دخلها التحريف أو ضاعت.
ولكن هذا ليس خبره هو ﷺ فيستحيل هذا في علم البشر وقدرتهم، وإنما وحي من الله علام الغيوب والقادر على كل شيء سبحانه.
ذكر أنه قد حفظ له كتابه، ففعل ويسر لذلك الأسباب.
ووالله لو زيد في القرآن حرفا أو نُقص منه لعلم ذلك صبيان الحفظة، فكيف بعلماء القرآن.
هذا مثال واحد ما بين دلائل كثيرة متظافرة.
ثم يأتي من بعد ذلك ملحد يشكك في وجود الله ذي الجلال والكبرياء، أو ربوبي يكذب بالأديان ووحي السماء، أو كتابي يشكك في نبوة محمد ﷺ خاتم الأنبياء.
ألا شاهت وجوههم وكُبّت مناخرهم في نار جهنم.
تعليقات
إرسال تعليق