دليل الإحكام والإتقان
الأدلة العقلية النقلية على أصول الإسلام (٣)
أدلة وجود الله (٢)
من الأدلة العقلية النقلية على وجود الله، دليل:
الإحكام والإتقان.
فوجود هذا الإتقان في الكون، يستلزم وجود من أتقنه، وأنه متصف بالخلق والعلم والقدرة والحكمة ونحوها.
"فوجود كون متقن العناصر بدقة بالغة حتى توجد الحياة، أمر له ما يفسره في كون صنعه خالق، ولا يجد العقل له معنى ولا سياق في كون دهري يحركه كر الأيام العابثة" [براهين وجود الله، عامري]
وهذا الدليل كثير الحضور عند المسلمين، وله شواهد قرآنية، ولقد زاد الاهتمام به مؤخرا مع الاكتشافات العلمية الحديثة، كالمعايير الدقيقة لهذا الكون، ومنها القوى الأربعة: قوة الجاذبية، والقوة النووية القوية، والقوة النووية الضعيفة، والقوة الكهرومغناطيسية.
إلى غير ذلك من أدلة الإتقان التي تجعل الصدفة والعشوائية من خرافات، وأن التعقل هو في الإيمان بالله رب العالمين.
قال تعالى: {الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَّا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ* ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ} [الملك]، وقال تعالى: {صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ} [النمل]. وقال: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} [الفرقان].
قال الرازي في تفسيره: "الفطرة شاهد بأن حدوث دار منقوشة بالنقوش العجيبة، مبنية على التركيبات اللطيفة الموافقة للحكم والمصلحة يستحيل إلا عند وجود نقاش عالم، وبان حكيم، ومعلوم أن آثار الحكمة في العالم العلوي والسفلي أكثر من آثار الحكمة في تلك الدار المختصرة فلما شهدت الفطرة الأصلية بافتقار النقش إلى النقاش، والبناء إلى الباني، فبأن تشهد بافتقار كل هذا العالم إلى الفاعل المختار الحكيم كان أولى" اهـ
• وهذا الدليل يقوم على مقدمتين ونتيجة:
1- الكون بما فيه متقن ومحكم.
2- الاتقان والإحكام لا بد له من فاعل حكيم عليم.
- والنتيجة أن هذا الفاعل هو الله رب العالمين.
ودليل المقدمة الأولى الحس والمشاهدة، وهو وجود الإتقان البديع، والنظام الباهر، في الوجود.
ويدل عليه كذلك حديثا الاكتشافات العلمية الحديثة، مما أبهر كل مطّلع، واستسلم له كل ذي عقل.
ودليل المقدمة الثانية، الضرورة العقلية المتمثلة في مبدأ السببية، الذي يقول الفعل لا بد له من فاعل، والإتقان أكثر من مجرد فعل، بل هو فعل مخصوص، "فالصنعة المتقنة المكررة والمركبة دالة ضرورة على علم الصانع" [شموع النهار، لعبد الله العجيري]
فإتقان الكون بما فيه وإحكامه، إما إنه ناشئ عن حتمية قانونية، وإما عن الصدفة، وإما عن خالق عليم حكيم، والأولان باطلان عقلا ولا دليل عليهما علميا، فلم يبق إلا الثالث الموافق للعقل والفطرة والوحي.
والحمد لله رب العالمين.
تعليقات
إرسال تعليق